عندما استباحت الميليشيات بيروت الجميلة

مارس 18, 2024

A-

A+

“باتت منصة للغرباء”، ربما هذه العبارة تكون أفضل وصف لحال بيروت اليوم، وخصوصاً مع عودة التحركات التنسيقية بين أذرع إيران على أرض بيروت بكل ما تختزنه من استفزاز واستباحة موصوفة للسيادة اللبنانية من جهة، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية للبنان مقترنة بتصعيد الاعتداءات والانتهاكات المتواصلة لهذه السيادة من جهة أخرى، وهذا لا يعدو كونه مؤشرًا على مدى الخطورة التي باتت تحاصر لبنان. والأخطر في الأمر هو جعل العاصمة اللبنانية منصة علنية لمحور المقاومة الذي تقوده إيران، مما يعني أن بيروت أصبحت هدفًا لكل ما يثيره هذا المحور من صراعات في المنطقة والعالم.

مؤلم ومؤسف، وممزوج بالغضب، هذا الخبر الذي نشرته وكالة فرانس براس السبت الماضي، حيث أفادت بعقد “اجتماع نادر” الأسبوع الماضي في بيروت بين قيادات من فصائل فلسطينية، أبرزها حركة حماس، والمتمردين الحوثيين اليمنيين. تخيلوا واقع بيروت اليوم وما أصبحت عليه بفعل قبضة الميليشيات التابعة لمحور المقاومة.

بيروت، التي كانت مصدرًا للتشريع وموطنًا لكلية الحقوق، ومنبعًا للحرف والثقافة والفن والجمال والشعر، وكذلك عاصمة للطبابة والانفتاح والموضة والتطور، باتت اليوم منصة يجتمع فيها بعض الميليشيات الدولية والمنظمات الإرهابية لعقد اجتماعاتهم الخبيثة المجبولة برائحة الدم والقتل والدمار.

وفي الخبر المتداول من قبل وكالة فرانس براس، فقد أفادت مصادر من الجانبين “الحمساوي – الحوثي”، أنه خلال الاجتماع “تم مناقشة آليات تنسيق أعمال المقاومة ضدّ إسرائيل في ظل حرب غزة”. وضم اللقاء إضافة الى “قادة كبار” من الفريقين، كلاً من “الجهاد الإسلامي” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”.

وأكد مسؤول حوثي لم تكشف “فرانس برس” اسمه أنّ الاجتماع “عُقد في بيروت”، وناقش “توسيع دائرة المواجهات ومحاصرة الكيان الإسرائيلي وهو ما أعلنه زعيم حركة أنصار الله عبد الملك الحوثي الخميس الماضي.

وبحسب مصدر فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه فإنّ الاجتماع ناقش أيضاً “تكامل دور أنصار الله مع الفصائل الفلسطينية، خصوصاً مع احتمال اجتياح إسرائيل لرفح في أقصى جنوب القطاع”.

وانتشر أيضًا الأسبوع الماضي، وفقًا لتقرير “رويترز”، خبر يفيد بأن الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، كان قد طمأن قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قآاني، بأنه لا يرغب في دخول إيران في حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة، وأن حزب الله سيقاتل بمفرده.

وبالفعل، اليوم، بدلًا من عقد مثل هذه الاجتماعات في طهران، عاصمة الدولة الراعية للحوثيين وحماس، ومصدر أموالهم وسلاحهم، تم عقد الاجتماع في بيروت، بهدف تحويل انتباه المواجهة بعيدًا عن إيران ونظامها الراعي للميليشيات، وتقليل خطر أي هجوم محتمل على الأراضي الإيرانية وتعريض الشعب الإيراني ومصالحه للخطر. لذا، أصبحت بيروت البديل المفضل لتلك المواجهات، تمامًا كما كان جنوب لبنان البديل في الصراع بدل زج إيران فيه.