كانت جزيرة ووصلها باليابسة: تعرفوا على حرب إسكندر الكبير على مدينة صور

مايو 31, 2023

A-

A+

تتحدث كتب التاريخ عن أن مدينة صور كانت مقسمة خلال العهد الفينيقي إلى قسمين، بري على الساحل القاري للبحر المتوسط، وبحري على شكل جزيرة تقابل هذا الساحل. وتتحدث كتب التاريخ أيضا عن أن الإسكندر الأكبر حاصر صور البحرية عام 332 قبل الميلاد لمدة سبعة أشهر قبل أن يتمكن من دخولها بعد أن نجح في وصل الجزيرة بالبر ببناء جسر اصطناعي بينهما مستخدماً حجارة بيوت المدينة البرية التي دمرها، وأشجار الأرز زغيرها.

أُنشِئت صور مع بداية الألف الثالث ق.م على مجموعة من الجزر المنتشرة على مسافة حوالى الثمانمئة متر من اليابسة. كانت نواة المدينة عبارة عن هيكل للإله ملكرت تحيط به تجمعات سكنيّة تعتمد في معيشتها على الصيد.

بلغت صورعصرها الذهبي مع حلول الألفيّة الأولى ق.م. إذ شهدت ازدهارًا عمرانيًّا وتجاريًّا وثقافيًّا كما لم يعرف تاريخ المنطقة من قبل. في بداية فترة الازدهار هذه، قام مَلكها أحيرام بوصل الجزر التي تمّ إنشاء المدينة عليها بعضها ببعض رادمًا جزءًا من البحر.

كان لا بدّ للاسكندر من الاستيلاء على كافة المدن الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسّط، وبعد غزوه اليابسة، اتضّح للمقدوني أن جزيرة صور كانت المدينة الفينيقية الوحيدة التي لم ترضخ له ونظراً لكون المدن الفينيقية الساعد الأقوى للأسطول البحري الفارسي، أدرك الاسكندر أنّه لا بدّ من غزوها قبل التقدّم نحو مصر كي لا يتمكّن الفرس من مهاجمته فور إبحاره من الساحل.

تفيد إحدى الروايات بأنّ الاسكندر الكبير طلب إذن أبناء صور لدخول المدينة تحت ذريعة تقديم النذور للإله ملكرت، لكنّ الصوريين جابهوه بالرفض القاطع طالبين إليه تقديم ذبائحه في الهيكل القائم على اليابسة، الأمر الذي أغضب الفاتح المقدوني ودفعه إلى الأمر بمحاصرة المدينة المحصّنة.

استوحى الإسكندر الخطّة المتعلّقة بحصار صور من حلمه، فقرّر ردم القناة البحريّة التي كانت تفصل الجزيرة عن الساحل ما يؤمّن له الانتقال على أرض صلبة لمهاجمة الأسوار. استطلع الإسكندر المناطق الساحلية الواقعة مقابل صور باحثًا عن المواد اللازمة لتنفيذ مشروعه، فوجد أنّ الأخشاب والصخور اللازمة للأعمال متوافرة في صور البرية وفي جبل لبنان.

قام المهندسون المقدونيّون بغرز صفّين متوازيين من الدعائم الخشبيّة عند النقطة الساحليّة الأقرب للجزيرة وباتجاهها. كان ذلك عملًا شاقًا ولا سيّما في البقعة القريبة من الجزيرة حيث المياه العميقة. ملأوا بعد ذلك المساحة الفارغة بين الدعائم بالأحجار والردميّات التي كان يُؤتى بها من البرّ.

تقدّمت الأعمال بسرعة في البداية ولكنّها تباطأت مع ازدياد عمق المياه. راقب الصوريّون ما يجري بقلّة اكتراث ولا سيّما أنّ الممر لم يكن ظاهرًا فوق مياه البحر في البداية. كان البحّارة الصوريون يقتربون بسفنهم من العمال مستهزئين فيسألونهم إن كان ملكهم الإسكندر أقوى من إله البحر الفينيقي.

وفي آب 334 قبل الميلاد، بدأ الاسكندر بالتحرك نحو الجزيرة القائمة في قلب البحر قبالة الشاطىء. وبفضل الظروف الطبيعية والجغرافية المؤاتية في تلك المنطقة، تمكنّ الاسكندر من بناء الجسر الطبيعي ووصل اليابسة بالجزيرة بمساعدة المهندسين المقدونيين وملوك قبرصيين نذكر منهم نيتاغوراس، ملك مدينة سلاميس.

وعلى الرغم من مقاومة الصوريين وإضرامهم النيران بأنفسهم ، عجزوا عن مجابهة المحاصرين الذين نجحوا بإخضاع الجزيرة واقتحامها بعد اختراق أحد أسوارها.