


مؤتمر ميونيخ للأمن 2025 تحديات جيوسياسيّة
فبراير 19, 2025
A-
A+
عُقد مؤتمر ميونيخ للأمن (MSC 2025) في الفترة ما بين 14 و16 فبراير، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الغرب وروسيا، والخلافات بين أوروبا والولايات المتحدة حول القضايا الأمنية والاستراتيجية. تركزت النقاشات على مستقبل الدفاع الأوروبي، الحرب في أوكرانيا، والعلاقات عبر الأطلسي.
إحدى أبرز الجلسات كانت “المواءمة العدائية”، التي تناولت كيفية التعامل مع الدول المعادية عبر استراتيجيات التكيف، الردع، والتفاوض لتحقيق توازن مستدام في العلاقات الدولية.
الخلافات الأمريكية الأوروبية: صدام الرؤى
شهد المؤتمر مواجهة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وأوروبا بسبب تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس، الذي انتقد القادة الأوروبيين، متهمًا إياهم بتقويض حرية التعبير وسوء إدارة سياسات الهجرة. أثارت هذه التصريحات ردود فعل قوية من المستشار الألماني أولاف شولتز ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، اللذين رفضا الاتهامات وأكدا على أهمية الحفاظ على القيم الأوروبية وسط التحديات الأمنية.
هذا الصدام يعكس تباين وجهات النظر بين الجانبين، حيث تسعى أوروبا لتعزيز استقلاليتها الدفاعية بعيدًا عن الاعتماد على واشنطن، بينما ترغب الولايات المتحدة في الحفاظ على نفوذها الاستراتيجي في القارة.
الدفاع الأوروبي: نحو جيش موحد؟
دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى إنشاء “جيش أوروبي موحد” لحماية القارة من التهديدات الخارجية، خاصة من روسيا. لاقت الفكرة دعمًا من بولندا ودول البلطيق، لكنها قوبلت بتحفظات من ألمانيا وفرنسا، حيث شددت برلين وباريس على ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية ضمن إطار الناتو بدلًا من إنشاء هيكل جديد قد يعقد العلاقات مع الحلف.
محادثات السلام مع روسيا: الأمن مقابل التفاوض
أثيرت خلال المؤتمر مسألة إمكانية إجراء مفاوضات سلام مع روسيا. زيلينسكي شدد على أن أوكرانيا لن تدخل في أي محادثات دون “ضمانات أمنية حقيقية”. في المقابل، حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك من فرض سلام سريع قد لا يعالج الأسباب الجذرية للصراع، مؤكدة أن أي اتفاق يجب أن يكون “عادلاً ودائمًا”، وليس مجرد هدنة مؤقتة تسمح لروسيا بإعادة تنظيم صفوفها.
جلسة “المواءمة العدائية”: إعادة تعريف العلاقات مع الخصوم
ناقشت جلسة “المواءمة العدائية” كيفية إدارة العلاقات مع الدول المعادية، مثل روسيا والصين، عبر مزيج من الردع، الحوار، والتعاون المشروط. تناولت الجلسة محاور رئيسية منها تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، استخدام العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية كوسيلة للضغط، البحث عن تعاون محدود في مجالات مثل مكافحة الإرهاب والطاقة، ومواجهة التهديدات الرقمية المتزايدة.
مؤتمر ميونيخ 2025: ما الذي كشفه عن مستقبل الأمن الأوروبي؟
كشف المؤتمر عن انقسامات عميقة في النظام العالمي، حيث تواجه أوروبا تحديًا بين تعزيز استقلالها الأمني والحفاظ على تحالفاتها التقليدية. وبينما يتصاعد الجدل حول إنشاء جيش أوروبي موحد، تبقى الولايات المتحدة لاعبًا أساسيًا في المعادلة الأمنية رغم التوترات الأخيرة.
لا تزال الحرب في أوكرانيا تفرض نفسها كملف رئيسي، حيث تواجه أوروبا معضلة تحقيق السلام دون تقديم تنازلات تمس أمنها القومي. ومع استمرار الجدل حول كيفية التعامل مع القوى العدائية، برزت استراتيجيات جديدة تجمع بين الردع والحوار، في محاولة لإعادة رسم ملامح العلاقات الدولية في هذه المرحلة المضطربة.
في ظل هذه التحديات، يبقى السؤال: هل تستطيع أوروبا تحقيق توازن بين الاستقلالية الاستراتيجية والتعاون الدولي، أم أن التحولات الجيوسياسية ستفرض واقعًا جديدًا يغير خريطة التحالفات العالمية؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي