النكتة ترعب كبرياء السلطة الواهن
أغسطس 30, 2023
A-
A+
كعادته يضيع القضاء اللبنانيّ البوصلة، فيجرّم الضحيّة، ويبرّئ المجرم. وككلّ مرّة يقع الحكم، على من لا علاقة له، على المتكلّم، الجريء، والواقف بين النّاس. لا شيء يخيف هذه السّلطة أكثر من الكلمة، ولا شيء يرعبها، كالوعيّ.
لا مشكلة لديها أن تموت، ولكنّ المشكلة بالنسبة لها تكمن عندما تدرك أنّك على شفير الموت، وكم ستؤذيها عندما تحاول أن تزيح نفسك عن الموت.
وعليه، لا بدّ أنّ نور حجّار بإضاءته على الأوضاع الاقتصادية للعسكريين، محاولاً الإضاءة على هذه المشكلة، استطاع أن يمسّ بكبرياء السّلطة، هذه السّلطة التي لم تَعُدْ تستثني أحداً، لا الكوميدي، ولا الصّحفيّ، ولا السّياسيّ المعارض، هذه السّلطة الأوهن من كلّ شيء، والأضعف من كلّ قرار، وكلّ مقال، وكلّ كلمة.
سلطةٌ اعتادت القمع والتّرهيب، بعتادها وجيوشها، وآلياتها، وضباطها، أصبحت ترتعب من الضحكة. نعم، هذه الضحكة التي تواجه الموت، والقهر، والفساد، والاستغلال.
فتارةً تؤذيها سهرةٌ في ملهى، وتارةٌ أخرى كلمةٌ في جريدة، أو بوست على “فيسبوك”.
ولا بدّ أنّ مجرّد استدعاء كوميدي للشرطة العسكريّة، ثمّ إحالته للمباحث الجنائية، والله وحده يعلم من أين وإلى أين سينتقل هو خرق للعدالة، ولأصول المحاكمات المدنيّة، فلا السّلطة تحترم قوانينها، ولا القوانين أصبحت في مصافّ التطبيق، ولعلّ البطش والعار أصبحا أقوى وأكثر نفوذاً من العدالة وحكم القانون.
ورسالة لدار الفتوى اللبنانيّة، التي تغرّد على نغم السّلطة الفاسدة، والتي تبحث عن الصغائر لأنها تخشى الكبائر، وتلاحق الضِعاف خوفاً من الكِبار، وتجرّم الكوميديّ لئلاً يغضب عليها السياسيّ، لا بدّ أن أحوال دار الفتوى أصبحت جيدةً جداً لتهتمّ بمثل هذه الأمور، أو لعلّ أولوياتها تبدلت حديثاً، فمن يعاني الفقر والجّوع والحرمان، لا بدّ له من أن يشبع ذاته، ويقوّيها، لا أن يتابع محتويات السكيتشات الكوميدية، المعروفة بأنها كوميدية، فمن يجوّع خدم المساجد، وأئمتها، ومؤذنيها، على كافّة الأراضي اللبنانيّة، عارٌ عليه أن يهتم بشيء سوى أن يخدم هؤلاء الذين رهنوا حياتهم ووقتهم لمؤسسات دار الفتوى في الجمهوريّة اللبنانيّة. لا شيء يسيء للإسلام والمسلمين، سوى إهمالكم لهذه المؤسسات والعاملين بها، وأنتم في بذخ سياراتكم الفارهة وقصوركم التي بلغت عنان السّماء، استحوا…
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي