


زيتون الجنوب يغيب عن سفراتنا هذا العام
مارس 22, 2024
A-
A+
في بداية اشتعال الجبهة الجنوبية، كانت المخاوف تتركز على الرزنامة الزراعية، وبعد خمسة أشهر، ما زالت تهديدات الحرب المفتوحة تهدد بمزيد من الخسائر والأضرار. لقد أدى القتال إلى تلوث التربة، وتشريد المزارعين، وتعطيل سلاسل التوريد، وتدمير البنية التحتية، مما يناقض مبادئ الاستدامة والتوازن البيئي المركزي في الزراعة العضوية.
يبدو أن قطاع الزراعة في لبنان تعرّض حتى الآن لضربة قوية بسبب التصعيد العسكري. إذ منذ ٨ تشرين الأول، يواجه القطاع الزراعي في جنوب لبنان الدمار، ولا يزال.
الجنوب أرض خصبة للزراعة
بفضل ظروفها المثالية للنمو، وتربتها الخصبة، ينتج جنوب لبنان ٢٢٪ من فواكهه لبنان وحمضياته، و٣٨٪ من زيتونه، وفقًا لوزارة الاقتصاد في لبنان.
تعد أهمية القطاع الزراعي الاقتصادية بالنسبة لجنوب لبنان كبيرة، حيث يشكل هذا القطاع ٨٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي في جنوب لبنان، وفقًا لتقرير لبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الذي نُشر في ديسمبر/ كانون الأول. فيما تعتمد معظم الأسر الجنوبية على الزراعة كمصدر رئيسي لسبل المعيشة. ومع ذلك، تكون مصادر الدخل مثل هذه موسمية وغير منتظمة ولا تغطي احتياجات الأسر الأساسية. تمارس الزراعة بشكل رئيسي في المناطق التي تتوفر فيها مياه الري. تُزرع المناطق المروية بأشجار الفاكهة، بينما في المناطق القاحلة يقتصر الأمر على زراعة الزيتون والتبغ.
وفقًا لإحصائيات رسمية، فإن جنوب لبنان منطقة زراعية مهمة، تمتد من صيدا إلى صور حيث توجد زراعة مكثفة أيضًا في البيوت الزجاجية. إذ وبحسب الأرقام الحكومية الصادرة في العام 2010، تغطي زراعة البيوت الزجاجية في جنوب لبنان مساحة تقدر بـ٦٢٧٧ دونم ، حيث يُستخدم ٧٨٪ منها لزراعة الفواكه. تغطي الأراضي الزراعية الدائمة مساحة قدرها ٢٠١٬٥٣٩ دونم، يُستخدم منها ٣٨.٩٪ لزراعة الزيتون، و ٣١.٦٪ لزراعة الحمضيات.
بدأت المواجهات العسكرية بين حزب الله والجيش الإسرائيلي أثناء موسم قطف الفاكهة والزيتون، مما أجبرت العديد من العمال الزراعيين على الفرار من منازلهم وخصوصاً مع تصاعد القصف الإسرائيلي. ويأتي معظم الأشخاص النازحين من ثلاثة أقضية على الحدود الجنوبية للبنان: بنت جبيل ٤٧٪، ومرجعيون ٣٤٪، وصور ١٢٪. وفي الأسبوع الماضي، تم تسجيل ٣٬١١٨ تهجيرًا جديدًا في مقاطعات بنت جبيل، النبطية، مرجعيون، حاصبيا، وصور.
الخسائر الاقتصادية
على الرغم من مواجهة لبنان لعدة نزاعات مع إسرائيل، فإن حربًا جديدة ستكون لها تأثيرات كارثية على البلد برمته لأسباب متعددة. أولاً، يواجه الاقتصاد اللبناني أزمة مالية بدأت في عام ٢٠١٩، و تفاقمت بعد رفض الطبقة الحاكمة تنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار التي قامت بزعزعته. لقد تراجع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد إلى ٤٠٪ من مستواه في عام ٢٠١٨، مع ارتفاع مستويات الضعف الاجتماعي إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق. ثانيًا، جعل الانهيار الاقتصادي لبنان يعتمد على تدفقات رأس المال، التي ارتفعت إلى ما يقرب من ٩٠٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام ٢٠٢٣، مقابل ٥٠٪ فقط في عام ٢٠١٨. ثالثًا، كاقتصاد يعتمد على النظام النقدي، فإن اعتماد لبنان على استيراد العملة الأجنبية للحفاظ على اقتصاده ضروري. لذا، إذا تعطلت الموانئ ومطار بيروت، فسيتم قطع لبنان عن الوصول إلى النقد. أخيرًا، فإن المانحين الذين ساعدوا في تغطية النفقات في السابق مترددون الآن في مساعدة لبنان، نظرًا لفشل قادته في تنفيذ الإصلاحات.
يمكن أن يشهد لبنان – إلى جانب الأردن ومصر – خسارة تتراوح بين اثنين إلى أربعة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة للحرب، وفقًا لتقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، الذي نُشر في ١٩ ديسمبر/ كانون الأول.
في تقريره، يذكر البنك الدولي أن الحرب في اسرائيل في العام 2006، أدى إلى “فقدان إنتاج اقتصادي بنسبة 10.5%من الناتج المحلي الإجمالي وأضرار مباشرة وغير مباشرة بقيمة 3.1 مليار دولار.”
قطاع الزراعة
وفقًا للمهندس الزراعي والمحاضر في الجامعة الاميركية ربيع مطر فإن أهم الخسائر تم الإبلاغ عنها في القطاع الزراعي، وهو المصدر الرئيسي لسبل العيش والدخل في المنطقة. اشارة الى ان احرب تجري في فترة حرجة (موسم الحصاد وتهيئة الأراضي للموسم القادم). وتعاني الأراضي الزراعية، اليوم من أضرار كبيرة، بما في ذلك التلوث الكيميائي والتلوث من بقايا الذخائر المتفجرة، مما يؤدي إلى فقدان خصوبة التربة.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، واجه ٦٣٪ من المزارعين تحديات في الوصول الآمن إلى حقولهم، مع اضطرار ٢٦٪ إلى التخلي تمامًا عن حقولهم الزراعية بسبب التشريد. علاوة على ذلك، واجه ٢٣٪ من المزارعين انخفاضًا في محاصيلهم. بالإضافة إلى ذلك، واجه ٨٥٪ من أسر الفلاحين صعوبات في نقل منتجاتهم الزراعية. بالمجمل، أبلغ ٧٢٪ من المزارعين عن خسائر في دخلهم.
كان المزارعون يخشون فقدان محاصيلهم بسبب عدم قدرتهم على الوصول إلى الحقول المجاورة للشريط الحدودي أو توسيع قدرات الإنتاج والتصدير. ومع بدء الحرب في غزة وجنوب لبنان وصولاً إلى شهرها السادس، دخل الكثير من الجنوبيين مرحلة الانهيار التام عبر مختلف القطاعات الإنتاجية وجوانب حياتهم اليومية، وليس فقط في الزراعة.
ووفقًا لمطر، يعتقد أن الثمار المتضررة الرئيسية هي: الزيتون (وبالتالي إنتاج زيت الزيتون)، الخرّوب، الحبوب وغيرها من المحاصيل الشتوية. بالإضافة إلى الخسائر في الإنتاج، تم حرق آلاف الأشجار، كما وبحسب الأرقام الأولية، تم حرق أكثر من 47000 شجرة زيتون بقنابل الفوسفور.
التقديرات الأولية للخسائر الاقتصادية يمكن تلخيصها على النحو التالي:
• تقول تقرير نشرتها مؤسسة السياسات البحثية (TPI) إنه بناءً على انخفاض نسبة وصول السائحين بنسبة 23% في شهر تشرين الأول 2023، تقدر الخسارة الاقتصادية في تدفق السياحة بنحو ٤٥٠ مليون دولار.
• من المتوقع أن يتراجع استثمار العقارات الأجنبية في المناطق الجنوبية بشكل كبير. في الواقع، سجل تشرين الأول 2023 انخفاضًا بنسبة 60٪ في المعاملات العقارية في جميع أنحاء البلاد مقارنة بالعام السابق، وانخفاضًا بنسبة 40٪ مقارنة بالمتوسط السنوي على مدى 12 عامًا (2011-2022)، مما يشير إلى تراجع أوسع نطاقًا بين المستثمرين. بتوجيه هذا الاتجاه، فإن خسارة بنسبة 40٪ في الاستثمار الأجنبي المباشر على مدى ستة أشهر تُقدر بنحو 105 مليون دولار. يمكن أن تصل الخسائر الإجمالية في التدفقات إلى لبنان، باعتبار هذين القطاعين فقط، إلى حوالي 550 مليون دولار.
• في حال استمرار النزاع لفترة طويلة، سيستمر قطاعا السياحة والاستثمار في العقارات في ازمة، مما يحرم البلاد من تدفقات إضافية. فإذا بقيت المواجهات في الجنوب مستمرة، ستكون الخسائر في القطاع السياحي نتيجة تراجع أعداد القادمين إلى لبنان بنحو 1.35يار دولار في الإيرادات السياحية. بالمثل، سيزيد النزاع المطول من التردد في قطاع العقارات، ويمكن أن تصل خسائر الاستثمار الأجنبي المباشر إلى حوالي ٢١٠ مليون دولار على مدى عام واحد.
• بلغت مساحة الأراضي الإجمالية المتأثرة بالحرائق نتيجة القصف في جنوب لبنان ١٬٨٩٧ هكتار.
• بناءً على الصور الفضائية، تعرضت ٩١ قرية لهجمات عابرة للحدود من قبل القوات الإسرائيلية منذ بداية الحرب، ودمرت العشرات من المباني تمامًا، وفقًا لتقرير في كانون الأول من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. تم تعطيل البنية التحتية والخدمات الاقتصادية والاجتماعية بشكل كبير.
• حتى ٢٠ شباط، نزح ٨٩٬٨١٧ فردًا (٥٢٪ منهم إناث) من جنوب لبنان بسبب الاقتتال المستمر على طول الخط الأزرق، بزيادة قدرها ٢٪ خلال أسبوع.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي