رسالة مفتوحة إلى الرئيس جوزيف عون
يناير 10, 2025
A-
A+
فخامة الرئيس،
أكتب إليك هذه الرسالة كمواطنة لبنانية آلمتها الأزمات التي ضربت وطننا وأرهقت كاهل أبنائه. أكتب لك من قلب مليء بالوجع والغضب، ولكن أيضًا بالأمل بأن قيادتك قد تكون نقطة التحوّل التي يحتاجها لبنان ليعود إلى مساره الطبيعي كدولة ذات سيادة وقانون.
لقد مرّ لبنان خلال السنوات الماضية بسلسلة من الكوارث التي مزّقت نسيجه الوطني وأغرقت شعبه في دوامة من الفقر واليأس. إن هيمنة حزب الله على القرار الوطني والسياسي، وتحوله إلى ذراع للنفوذ الإيراني، شكّلت كارثة وجودية على لبنان، فحولتنا إلى ساحة صراعات إقليمية لا ناقة لنا فيها ولا جمل. هذه الحروب التي خاضها الحزب، وتدخله في صراعات المنطقة، جلبت العزلة الدولية للبنان ودفعت الدول العربية والغربية إلى مقاطعته دبلوماسيًا واقتصاديًا.
استعراضات السلاح وسط المدن والقرى حطمت هيبة الدولة وشوّهت صورة الجيش اللبناني، المؤسسة الوحيدة الشرعية التي يحق لها الدفاع عن الوطن. أما الهيمنة على المرافق والمؤسسات العامة، فقد أعاقت الإصلاح، وأسست لنظام محاصصة وفساد، الأمر الذي أوصلنا إلى انهيار اقتصادي هو الأسوأ في تاريخنا الحديث.
فخامة الرئيس،
إن انتخابك رئيسًا للجمهورية ليس مجرد محطة عابرة، بل هو فرصة تاريخية لإعادة بناء الدولة واسترجاع السيادة والكرامة الوطنية. إن شعبك يتطلع إليك كشخص قادر على مواجهة هذه التحديات بحكمة وجرأة، لإخراج لبنان من الحالة الراهنة التي نعيشها تحت وطأة السلاح غير الشرعي، والفساد المتغلغل، والانقسام السياسي.
نرجوك أن تعمل بكل حزم على إنهاء حالة الهيمنة التي يفرضها حزب الله على القرار الوطني. لا يمكن للبنان أن يكون دولة ذات سيادة بوجود ميليشيا مسلحة تعمل خارج إطار القانون. يجب أن تُعيد القرار الوطني إلى الدولة وحدها، وأن تُصرّ على أن مكان السلاح الوحيد هو تحت إشراف الجيش اللبناني وفي خدمة الدولة فقط. الحوار مع حزب الله ضروري، لكنه يجب أن يكون واضحًا وصريحًا، يرتكز على مصلحة لبنان العليا وليس على التسويات أو المساومات.
فخامة الرئيس، لقد دعمت الولايات المتحدة وفرنسا وصولك إلى سدة الرئاسة، فلنجعل من لبنان نموذجًا للدول المتقدمة التي تحترم الحرية والسيادة والقانون. نحن بحاجة إلى رؤية لبنان بلدًا مشرقًا ومزدهرًا، بعيدًا عن النموذج الذي تسعى إيران لفرضه، حيث تتحول الأوطان إلى ساحات صراع وتُغرق شعوبها في الجوع والخوف. العالم يضع ثقته بكم، ونحن نأمل أن تكونوا على قدر هذه الثقة لإعادة لبنان إلى مكانته الطبيعية، بعيدًا عن الظلام الذي يفرضه نفوذ الخارج وسلاح الميليشيات.
إننا نتمنى منك أن تعيد بناء الجسور مع العالم العربي، خاصة مع الدول الخليجية التي طالما كانت داعمة أساسية لاقتصاد لبنان واستقراره. هذه العلاقات المتينة يجب أن تُعاد، فهي المفتاح لإخراج لبنان من عزلته ولتأمين الدعم السياسي والاقتصادي الذي يحتاجه. كما أن تعزيز العلاقات مع الدول الغربية يشكل ضرورة كبرى لضمان استمرار المساعدات الدولية وإعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان.
ندرك أن الجيش اللبناني هو الأمل الوحيد لاستعادة الثقة بالدولة، ولهذا نرجو أن يكون دعمك لهذه المؤسسة الوطنية في مقدمة أولوياتك. لا يمكن حماية لبنان من أي اعتداء داخلي أو خارجي دون جيش قوي وفاعل. الجيش يجب أن يكون القوة الوحيدة المسؤولة عن الأمن والدفاع، وهو الضمانة الوحيدة لاستعادة هيبة الدولة.
فخامة الرئيس، نطلب منك بكل إلحاح أن تكون حربك على الفساد محورية في عملك. إن الشعب اللبناني يريد دولة قانون وعدالة، لا دولة تحكمها المحاصصة والطائفية التي زرعتها المنظومة السياسية الحالية. لا إصلاح اقتصادي أو سياسي من دون مواجهة الفساد الذي أرهق خزينة الدولة وأفقر الشعب.
لبنان أيضًا ملزم بقرارات الشرعية الدولية، خاصة القرار 1701 الذي يضمن سيادته وسلامة أراضيه. إننا نأمل أن تعمل على تمكين الجيش اللبناني من بسط سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية، خاصة في الجنوب، حيث تتحكم الميليشيات في مصير وطننا وتقوده إلى حافة الهاوية.
فخامة الرئيس،
لا وقت للمجاملات أو التسويف، فلبنان اليوم على شفا الانهيار، وشعبك يختنق. هذه اللحظة التاريخية تتطلب قرارات شجاعة بحجم الأزمة التي نعيشها. إن كنت تسعى لأن تكون الرئيس الذي يخلّده التاريخ، فإن تحرير لبنان من القبضة الإيرانية وإنهاء حالة السلاح غير الشرعي، سيكونان الخطوة الأهم لإعادة بناء الدولة وجعل لبنان بلدًا حرًا، قويًا، ومزدهرًا.
الشعب اللبناني ينتظر منك موقفًا حاسمًا وشجاعًا يليق بطموحاته وأحلامه. لا تخذلنا، فلبنان يستحق الأفضل.
بإيمان عميق بلبنان أفضل،
مواطنة لبنانية تؤمن بوطنها.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي