شد حبال دولي في سباق الرئاسة اللبنانية

سبتمبر 28, 2022

A-

A+

على هامش إجتماع الهيئة العامة للأمم المتحدة، بيان سعودي فرنسي أميركي مشترك، صدر في الأيام الماضية عن وزراء خارجية هذه الدول.

أبرز بنود البيان، كان الإضاءة على ضرورة الإلتزام بالإصلاحات الإقتصادية التي تقدم بها صندوق النقد الدولي، إحترام موعد الإستحقاق الرئاسي، ووصول رئيس إصلاحي يوحد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الإقليمية والدولية. وعبر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ الإصلاحات الأساسية والتأكيد على تنفيذ القرارات الدولية 1595 و 1680 و 1701 و2650 والإلتزام بإتفاق الطائف.

لكن الخبايا تكمن خلف الكواليس، فهذا البيان الذي صدر ليس وليد الساعة، بل هو عملية شد حبال بين الطرف السعودي والفرنسي منذ فترة، أفضى إلى خروج بعض النوايا إلى العلن، صحيح أن البيان تناول العديد من المسائل الأساسية الرئيسية على الساحة اللبنانية، لكنه لم يتطرق إلى مسألة سلاح حزب الله والسيادة اللبنانية. لكن في قراءة بين السطور نستنتج اللمسة الفرنسية الدبلوماسية الرقيقة فيه، فمن خلال التطرق للقرارات الدولية ومندرجاتها نعرف جيدًا على ماذا تحتوي وما هي الرسائل التي تسعى فرنسا لإيصالها.

في الواقع ترى فرنسا أن موضوع نزع سلاح حزب الله لن يتحقق قبل إتفاق دولي – إقليمي، وتعتمد في سياستها نحو لبنان بُعدًا أوروبياً من مدارس العلاقات الدولية وهو سياسة الجوار. تعتمد هذه السياسة على دعم الإستقرار السياسي والأمني والإقتصادي في لبنان بالتوازن ومسايرة جميع الأفرقاء، من دون السعي إلى تفجير الوضع. فبالنسبة لها شظايا التفجير قد يطالها ويزعزع العديد من مصالحها الخارجية.

وأمام هذه السياسة لا تقرأ فرنسا ضرر حزب الله على لبنان بل ترى في المواجهة المباشرة لا إستقرار سياسي في الداخل، تساير الجميع وتعمل على وصول رئيس جمهورية وحكومة توافقية يكون لكل الفرقاء اللبنانيين حصةً فيها.

فالمشكلة عند صنّاع القرار الفرنسيين أنهم تقيدوا بسياسة الجوار إلى أقصى حدود لدرجة لم يعودوا قادرين على الاتعاظ من تجربة التوافق والتحاصص الماضية وعلى أي قدر من الفشل كانت، أوصلت لبنان إلى المشاكل التي يعاني منها الآن.

على المقلب الآخر، السعوديون، ومن ضمن استراتيجيتهم الأساسية لضرب سياسة طهران العدائية وأذرعتها الخارجية بشتى الوسائل يسعون بمساعدة أميركية لشد فرنسا نحو رأيهم التي تكمن بضرورة التعاون مع القوى السيادية اللبنانية وإيصال رئيس من طرفهم مقابل تعهد سعودي كامل بمساعدته والشعب اللبناني للخروج من الأزمة الإقتصادية وفتح قنوات تواصل مع جهات إقليمية ودولية لتسهيل وتسيير سبل الحل.

تأثرت فرنسا هذه المرة بالسعودية وشاركت في صياغة هذا البيان والرضى عليه بشكل مباشر ولو مع بعض التحفظات الشكلية العلنية لكنها ضمنيًا موافقة على الرأي السعودي الأميركي، في إنتظار ما ستكشفه الأيام المقبلة وما سينتجه الإستحقاق الرئاسي.