18 عاماً على اغتيال الحريري: من هو القاتل الحقيقي؟
فبراير 14, 2023
A-
A+
في الثامن عشر من شهر آب عام 2020، وبعد محاكمة دامت ستة أعوام على التوالي، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة في لبنان حكمها بإدانة متهم واحد وتبرئة ثلاثة آخرين في ملف اغتيال رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري. انقسم الرأي العام في لبنان وفي الخارج، حيث اعتبر البعض أنها خيبة أمل، بينما رأى البعض الآخر ان النتيجة لم تكن سوى انتصاراً حقيقياً و تحقيقاً للعدالة.
أما اليوم وبعد مرور ثمانية عشر عاماً على اغتيال الرئيس الحريري، لا يزال السؤال نفسه يتكرر، من هو القاتل الحقيقي؟
لن أقوم بعرض الوقائع او باتهام أي جهة في هذا الملف، لأنني أرى، أن من اغتاله هو لم يقضي على شخص وحسب، انما قام بانهاء حلم بدأ بتنفيذه هذا الرجل عندما دخل المعترك السياسي عام 1992.
حلم رفيق الحريري، كان اعادة بناء وطن بعد حرب دامت لسنوات وأتى نهاية لتوحيد الشعب قلبا و قالباً. لكن مع اغتياله، عادت الانقسامات نفسها – الطائفية والمناطقية وعاد الفساد يستشري من جديد وباتت البيروقراطية والزبائنية والمحسوبية عرف عام يتغنّى به الكثيرون. لن أدافع عن عهد الحريري، لكن مع غيابه فقد لبنان رؤية وطنية وبرنامج سياسي واضح عمل لتحقيق السلام وتأمين الازدهار في المنطقة. في ذلك الآن الذي اصبحنا نطلق عليه عبارة “الزمن الجميل.”
ومع كل ذلك، من فعلاً اغتال رفيق الحريري هو من أوهمنا بأن حلمه هو بحجم شخص واحد فحسب وليس بحجم وطن. هو نفسه الذي سعى جاهداً لكي نصدق أن هذا الحلم مجرد حلم وأن من صنعه لن يعود ولن نرى مثله في المستقبل حتى. القاتل الحقيقي هو الذي استعمل اسم رفيق الحريري كرمز لزمن انتهى، وأقنع شبان لبنان أنه لا يوجد شخص قادر على اكمال ما بدأه هذا الرجل.
ان الحقيقة ليست في قاعات المحاكم أو في الشوارع والساحات التي طالبت بـ”الحقيقة” عام 2005 وفي الأعوام التي تلتها. الحقيقة هي أن من اغتال الحريري هو الذي رفض أن يواجه الأمر الواقع وأقنع الجميع أن مع انتهاء زمن رفيق انتهى الحلم.
فالمواجهة هي من واجب كل مواطن لبناني يحب وطنه واراده و لا يزال يريده حراً وخالياً من أي احتلال – أكان معنوياً أم عسكرياً. ابحثوا عنها، ستجدونها في ضمير كل لبناني حر. وبدلاً من أن نقوم كل عام بذكر رفيق الحريري كالرجل الذي لم ولن يشهد مثله لبنان، علينا أن نتعلم من عهده ونطمح كي نبني الوطن الذي أراده وأردناه نحن، ونعيد الحياة لبيروت وطرابلس وباقي المدن، كما علينا أن ننجز أكثر منه بكثير في تحسين البنية التحتية، وجميع المرافق العامة والمؤسسات من مطارات ومدارس وجامعات ومستشفيات…
نعم، اغتيل هذا الرجل في الرابع عشر من شباط عام 2005، لكن من اغتاله؟ سؤال لا أؤمن بأننا سوف نرى جواباً صريحاً عليه. لكن من المؤكد أن لا مانع أن نضع جهدنا في سبيل اعادة الحياة لهذا الحلم، كي يصبح حقيقة، ومع ذلك يمكننا معاقبة المجرم الذي أقدم على هذا الاجرام.
ففي استكمال حلمه، نعيد العدالة له وللبنان…