تفكيك الـ 1701: شدٌ وجذبٌ بين حزب الله وإسرائيل
سبتمبر 17, 2024
A-
A+
منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حزب الله” في الثامن من تشرين الأول / أكتوبر الماضي، برزت مصطلحات على مدار الأشهر الإحدى عشرة الماضية تتعلق ببنود واتفاقيات دولية، تدعو البلدان العظمى الأطراف المتنازعة إلى تنفيذها.
ومع احتدام المعارك في جنوب لبنان وشمال إسرائيل، توحدت دول العالم حول الدعوة لتطبيق قرار، يتهم “حزب الله” إسرائيل بخرقه، والأخيرة ترد بتوجيه الاتهام ذاته للـ”حزب”، وهو القرار الأممي رقم 1701.
كيف تم التوصل إليه وإلام يدعو؟
بعد أسر “حزب الله” جندييْن إسرائيلييْن يوم 12 يوليو / تموز من العام 2006، ورد إسرائيل بشن حرب دموية على لبنان، توصل مجلس الأمن الدولي إلى تبنيه بالإجماع قرارا يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان.
وقد شدد القرار الأممي على وقف “حزب الله” وإسرائيل لجميع عملياتهما على جانبي الحدود وفي العمق اللبناني، كما طالب الحكومة اللبنانية بنشر الجيش اللبناني وعناصر من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – “اليونيفيل” – في جميع أنحاء الجنوب اللبناني، بالتزامن مع سحب إسرائيل قواتها من المنطقة ذاتها.
ومن مهام “اليونيفيل”، التي يبلغ عدد عناصرها الان نحو 10 آلاف جندي، رصد وقف الأعمال القتالية ودعم القوات المسلحة اللبنانية خلال انتشارها في جميع أنحاء الجنوب، فضلا عن تنسيق أنشطتها مع حكومتي لبنان وإسرائيل.
كما أكد القرار الأممي على أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية، وممارستها لكامل سيادتها، رافضة وجود أي أسلحة غير شرعية لا تخضع لسيطرتها.
هذا وجدد القرار تأييده للاحترام التام للخط الأزرق الذي وضعته الأمم المتحدة بغرض التحقق من انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في العام 2000، إذ تَرَكَّزَ الخط، الذي يبلغ طوله 120 كيلومترا، على الحد الفاصل بين النفوذ الفرنسي في لبنان والنفوذ البريطاني في فلسطين، والذي تم ترسيمه في العام 1923، وأُثبت لاحقا في العام 1949 على أنه “حدود دولية بين لبنان وإسرائيل”.
والجدير بالذكر هو دعوة القرار إسرائيل ولبنان إلى اتخاذ ترتيبات أمنية، منها إنشاء منطقة خالية من أي مسلحين أو معدات أو أسلحة غير تابعة للحكومة اللبنانية وقوات “اليونيفيل”، بين الخط الأزرق ونهر الليطاني (وهو أطول نهر في لبنان، ينبع من غرب مدينة بعلبك ويصب في البحر الأبيض المتوسط، وتحديدا في شمال مدينة صور الجنوبية).
هذا ونص القرار 1701 على منع وجود قوات أجنبية في لبنان من دون نيل موافقة الحكومة، إضافة إلى منع مبيعات أو إمدادات الأسلحة والمعدات ذات الصلة إلى لبنان من دون إذن بيروت أيضا.
كما طالب القرار بضرورة ترسيم الحدود الدولية للبنان، لا سيما في المناطق المتنازع عليها أو غير المؤكدة، إضافة إلى معالجة مسألة منطقة “مزارع شبعا” المحتلة من قبل إسرائيل، وعرض تلك المقترحات على مجلس الأمن الدولي في غضون 30 يوما.
هل استفاد لبنان من الـ”1701″؟
لا بد من الإقرار بأن القرار الأممي ساهم في إنهاء النزاع العسكري بين إسرائيل و”حزب الله” في العام 2006 بشكل فعّال وأدى إلى العودة النسبية للاستقرار في الجنوب بالتزامن مع نشر قوات “اليونيفيل”.
كما وفّر القرار وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تضررت إثر حرب تموز، إضافة إلى إسهامه في فرض رقابة دولية على الأوضاع في الجنوب اللبناني والشمال الإسرائيلي.
إلا أن من تعهدوا بتطبيقه فشلوا في نزع سلاح “حزب الله”، بل وعزز الأخير من ترسانته العسكرية، ووجه ضربات إلى الشمال الإسرائيلي في أكثر من حدث، مما شكل خطرا وجوديا يهدد الدولة اللبنانية.
وفي الداخل اللبناني، انقسم السياسيون حول القرار، بين مؤيد ومعارض له، فالممانعون اشتكوا من فعالية “اليونيفيل” والرقابة الدولية، متذرعين بخرق إسرائيل القرار 30 ألف مرة، منذ تبنيه في العام 2006.
هل يتم التخلي عن الـ”1701″؟
عدد لا بأس به من المراقبين وجهوا انتقادات لاذعة للقرار الأممي، فبالإضافة إلى فشل نزع سلاح “حزب الله”، كان هناك فرض للقيود على صلاحيات “اليونيفيل”، فالأخيرة منعتها “المقاومة” من تفتيش المناطق الحدودية.
كما واجهت القوة الدولية المؤقتة صعوبات عدة لناحية ضعف التمويل وتنسيقها الفعال مع الجيش اللبناني، مما أعاق جهودها في تعزيز استقرار الجنوب.
وفي الشرق الأوسط اعترضت إيران وسوريا على القرار، واعتبرتا أنه لا يعالج القضايا الشائكة في الجنوب اللبناني، كاستمرار سيطرة إسرائيل على مناطق معينة (مثل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا).
حزب الله والـ1701
في كل زيارة يقوم بها موفد دولي أو مسؤولون عرب وأجانب يتم التشديد على إعادة تنفيذ القرار 1701، وبرز الأخير عنوانا رئيسيا ويوميا في أغلب الصحف اللبنانية والعالمية، والسجالات السياسية أيضا، فمن جهة يقول الجيش الإسرائيلي إن انتهاكات “حزب الله” للقرار يجعله باطلا ولاغيا، ومن جهة أخرى يقول الحزب إن إسرائيل تستهدف بشكل عشوائي قرى الجنوب من دون أن تأبه لحياة المدنيين أو للقرارات الدولية.
وفي نهاية المطاف، يبقى الاعتماد مسلطا على دور المعارضة اللبنانية والقوى الدولية الفاعلة كي تضغط لتنفيذ القرار من قبل الطرفين، واستعادة سيادة الدولة اللبنانية وشرعية جيشها وقرار السلم والحرب.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي