رحلة سلامة الطويلة.. في أي مرحلة ستضيع العدالة؟

سبتمبر 13, 2024

A-

A+

رياض سلامة زُجّ خلف القضبان وكبّلت يداه “الطويلتان” اللتان هندستا السياسات المالية اللبنانية لمدة ثلاثة عقود والتي لم تجلب سوى الأزمات للبنان بمشاركة طقم سياسي حامى له على مدى تلك السنوات.

 حاجز أموال المودعين أصبح الآن محتجزًا بعد ثلاثة سنوات من محاولات توقيفه التي حالت التدخلات السياسية دونها، وفي المرة الأولى التي مثل فيها حاكم المصرف المركزي السابق أمام القضاء بعد انتهاء ولايته وبعد الملاحقات الدولية ومذكرات التوقيف والبحث والتحرّي بحقه أوقف سلامة من قبل النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار بعد استجوابه على مدى ثلاث ساعات حول شبهات اختلاس من مصرف لبنان تفوق الأربعين مليون دولار.

حُوّل الملف من النيابة العامة التمييزية إلى النيابة العامة الماليّة وعليه فقد ادعى النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم على سلامة وحوّل الملف إلى قاضي التحقيق الأوّل في بيروت بلال حلاوي الذي أصدر بدوره وبحسب المادة 121 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة قرارًا بتوقيف سلامة وجاهيًا وأحال القرار إلى النيابة العامة المالية التي يجب أن تبدي مطالعتها خلال أسبوع على الأكثر وإذا طلبت التوسع في التحقيق فعليها أن تحدد النواقص والأعمال التحقيقية التي تراها ضرورية ولحلاوي أن ينفذ طلبها أو أن يرفضه، من ثم تتم الإحالة إلى الهيئة الاتهامية التي تضع يدها بصورة موضوعية عليه، وإذا رأت أن الدعوى مكتملة التحقيق وأن لا جدوى من التوسع فيه فتصدر أحد القرارات الآتية: قرارًا بمنع المحاكمة عن سلامة وإطلاق سراحه أو قرار باعتبار الفعل جنحة أو مخالفة تحيله بموجبه إلى القاضي المنفرد الجزائي، أو تصدر قرار باتهام المدعى عليه إذا تبين لها أن الوقائع والأدلة كافية لاتهامه وذلك بموجب المادة 130 من القانون عينه المذكور آنفًا وبعدها تقضي في قرارها بإحالة المتهم على محكمة الجنايات لمحاكمته بما اتهم به.

مراحل عديدة، لجان وقضاة ستمرعليهم قضية الحاكم وهذا ما يشكل قلقًا بالنسبة للبنانيين الذين يعتبرون أنه مثلما تمت محاولة “إخفاءه” سابقًا لعدم محاكمته سوف يتم العمل الآن على محاولة  لو حتى خروجه من السجن واستمرار محاكمته وهو حر طريق رغم تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي صرّح فيه أن توقيف سلامة هو قرار قضائي لن يتم التدخل فيه.

صحيح أن الحاكم السابق لمصرف لبنان هو مهندس الأزمة المالية لكن لا يمكننا أن ننسى أنّ هناك “عصابة” أفرادها سياسيين وإداريين كانت تغطّيه وتيسّر له أعماله وهنا تثار التساؤلات حول ما إذا كان اتهام سلامة والتحقيق معه سوف يؤدي إلى المزيد من الاعتقالات بحق أفراد العصابة أم أنّ صفقات واتفاقيات سريّة من تحت الطاولة وضعت سلامة في الواجهة ليتمكنوا من تمرير مصالحهم؟

يواجه اليوم ثلاثيني الحكم تهمًا بارتكاب جرائم مالية تشمل غسل الأموال والاختلاس والإثراء غير المشروع، وهي جميعها اتهامات ينفيها.

 وإلى جانب لبنان، يجري التحقيق معه في خمس دول أوروبية على الأقل في اتهامات تتعلق بحصوله على مئات الملايين من الدولارات من المصرف المركزي، فهل سيشكّل ملف سلامة ظاهرة في تاريخ لبنان وتصل التحقيقات فيه إلى خواتيمها وتأخذ العدالة مجراها؟ أم أن ما يحصل اليوم هو مجرّد “مسلسل” سينتهي العمل به قريبًا؟