الصحة الجنسية “المكبوتة” في لبنان المنهار اقتصادياً

يناير 9, 2023

A-

A+

تبقى الصحة والحقوق الجنسية أمران غير متداول بهما في مجتمعاتنا العربية وذلك خوفاً من وصمة المجتمع على الأفراد، على الرغم من أنهما لا تقلان أهميةً عن أي حقوق وأمور صحية أخرى. وبما أن هذا الأمر لا يزال بمثابة “taboo“،  يزداد الخوف والضغط لدى الفئات المهمشة للتطرق إليه.

 فالذهاب إلى الأطباء بهدف الاستفسار عن مواضيع متعلّقة بالصحّة الجنسيّة قد يجعل النساء وأفراد المجتمع ميم عين عرضة للمضايقات والتمييز وزيادة التهميش.

واليوم، وبظل الانهيار المالي والاقتصادي الكبير الذي يعيشه لبنان، بات من الصعب الحصول على أدنى الحقوق الصحية، فكيف إذا كانت متعلقة بالصحة الجنسية وللفئات المهمشة؟

الرعاية الصحية في زمن الانهيار

يعتبر الكثير من الاخصائيين أن بظل الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد، فإن المشكلة لم تكن فقط أن الناس فقدوا مواردهم المالية وقدرتهم الشرائية فحسب، بل أصبحت المشكلة أكبر عندما بدأنا في الهجرة الجماعية لمتخصصي الرعاية الصحية الذين يستقبلون مرضى LGBTQI

وبدورها أشارت مديرة برنامج الصحة في حلم الدكتورة زافي لاكيسيان إلى أن “الكثير من الأخصائين الذين كانوا يستقبلون ويعالجون العابرون/ات جنسيًا أو المرضى ذات احتياجات محددة ومرتبطة بصحتهم الجنسية، لم يعودوا في لبنان”.

وباتت المشكلة الكبرى اليوم التي يواجهها أفراد الميم عين هي صعوبة الوصول للرعاية الصحية بسبب تكلفتها الباهظة. وتضيف دكتورة زافي في حديث خاص لـ”نقِد”، أن “البعض بات يؤجّل الرعاية الطبية اللازمة لأن معظم الناس لا يستطيعون تحمل تكاليفها”.

وفي ظل الانهيار الدراماتيكي بات الدعم الحكومي، كالضمان الاجتماعي، معدوماً والتأمين الخاص بات أمراً ملحاً ولكن ثمنه باهظ وهو أمر مستبعد للغاية أن يكون لدى أي شخص من المجتمع ميم عين او حتى المجتمع اللبناني. وفي ظاهرة خطيرة أشارت إليها دكتورة زافي، أن الكثير يتجنبون أو يؤجلون الذهاب إلى طبيب أو مؤسسة رعاية صحية حتى تصبح أعراضهم سيئة للغاية بحيث يتعين عليهم الذهاب إلى المستشفى. 

شح في الأدوية اللازمة

واستكمالاً لهذه الازمة، لا يزال لبنان في ظل موجة من انقطاع الأدوية بشكل كبير في الأسواق وفقدانها نتيجة تخزين أصحاب الصيدليات وتجار الأدوية تحسباً لارتفاع الأسعار والدولار. وهنا، تشرح الدكتورة زافي عن هذه الظاهرة، مشيرةً إلى أننا “لم نعد نملك الموارد”:

إذا كان هناك دواء يحتاجه المريض، فإنه لم يعد متاحًا وبأسعار معقولة. وهذه الظاهرة لعبت دورًا كبيرًا، خاصة على المرضى الذين يمرون بمرحلة انتقالهم الجندري خلال تلقيهم العلاج في الهرموني. لم يعد بإمكانهم الوصول إلى علاجاتهم الهرمونية أو لم يعد بإمكانهم المرور عبر أطبائهم لإجراء الفحص المستمر. 

وتقول، “ان العلاج الهرموني هو شيء تحتاج إلى الحفاظ عليه بشكل مستمر من أجل تحقيق الهدف المطلوب. لذلك إذا وجب التوقف عند نقطة معينة لأن العلاج لم يعد متاحاً يمكن أن يشكل خطرًا كبيرًا على الصحة العقلية والجسدية، وقد يؤدي  إلى اضطراب بالهوية الجنسية”.

وبظل ظاهرة انقطاع الأدوية وعدم توافرها، لجأ الكثير من الناس إلى موارد غير رسمية، وموردين غير رسميين للحصول على ما يحتاجون إليه بسبب غياب للسيطرة والرقابة الضرورية في هذا القطاع.

وتختم دكتورة زافي، “عندما نتحدث عن قضايا النوع الاجتماعي، فإننا لا نتحدث فقط عن المجتمع الميم عين، ولكن أي شخص يحتاج إلى علاج معين لم يعد قادرًا على الحصول عليه، يمكن أن يسبب مشكلة”.

وفي هذا الصدد، وفي اتصال مع الجمعيات التي تعنى بالصحة الجنسية،، قام فريق نقِد بمقارنة عينات من أسعار تكلفة اختبار الأمراض المنقولة جنسيا و الاستشارات الصحية، ليتبيّن التالي:

تكلفة الاستشارة الطبية 75000 ليرة

فحص عنق الرحم 100 ألف ليرة

اختبار فيروس الورم الحليمي البشري  50 دولار

اختبار التهاب الكبد (ب) و (ج) والزهري: 10 آلاف للواحد

اختبار فيروس نقص المناعة مجاني

بدوره، نشر مركز الأبحاث والسياسات والإعلام triangle، دراسة تظهر كيف تغيرت أسعار الأدوية والسلع المرتبطة بالصحة الجنسية، وجاءت الأسعار على الشكل التالي:

وهنا، تضاف معاناة أفراد المجتمع ميم عين وحتى اللبنانيين عموماً إلى لائحة تطول من المعاناة والأزمات التي لا تنتهي، خصوصا في الملف الصحي والحقوق الجنسية، التي حُرِمَ منها اللبنانيون بظل تقاعس دور ومسؤولية الدولة عن تأمين أي خدمات صحية ورعائية.

تمّ إنتاج هذا التقرير بدعم من مؤسسة مهارات ومنظمة “Hivos” ضمن مشروع We Lead، وتجدر الإشارة إلى أنّ المحتوى لا يعبّر بالضرورة عن آراء منظمة “Hivos”.