الحضانة للأمهات: “للموت” يخترق حواجز المحاكم الروحية
أبريل 14, 2023
A-
A+
تؤدي الدراما دورًا مهمًا وفعّالًا في المجتمع؛ فهي تقدم موادَ وموضوعات متنوعة. وتشكل الأعمال الفنية والدرامية مكانة متميزة بين هذه المواد والموضوعات، لما لها من تأثيرات مهمة ومختلفة في الجمهور، وهو ما أثبتته نتائج العديد من البحوث والدراسات المختلفة.
بإمكان هذه الأعمال الدرامية نقل الأحداث والمواقف والقضايا من البيئة الاجتماعية السائدة فيها، ويأتي التليفزيون في مقدمة تلك الوسائل من حيث قدرته وميزاته على التأثير في الأفراد لاسيما من خلال الدراما التليفزيونية وخاصة المسلسلات، إذ تعد من أهم المضامين أو القوالب الفنية المقدمة من خلال التليفزيون والتي تحظى بشعبية لدى الجمهور بمختلف فئاته، الأمر الذي يجعل من الضروري الاهتمام بدراسة دور المسلسلات التليفزيونية في تناول القضايا الاجتماعية لدى الجمهور.
خرج العديد من أعمال موسم رمضان 2023 من دائرة الترفيه ليحمل في طياته رسائل انسانية، هذا هو دور الفن الحقيقي فيما لو اعتبرناه رسالة، والعظمة هذا الموسم هو ملامسة قضايا اجتماعية عادة ما تكون من المحرمات وملاذها المثير طالما كانت منصات مواقع التواصل الاجتماعي وأحيانا وسائل الاعلام. مسلسل للموت كسر حصون المحاكم الروحية ليخرج الحديث من الأروقة إلى العلن مثيرا موضوع الحضانة، حضانة الأم لأولادها، تلك التي سلبوا طفلها من حضنها وهي التي حملته جنينا في أحشائها وانسلخ حين ولد فلذة من كبدها أو وريدا من قلبها.
وفي حديث لمنصة نقِد، قالت الكاتبة نادين جابر ان لديها ميل في معظم اعمالها الى التطرق للقضايا الاجتماعية خصوصاً اذا كان يستوفي اضافة الإسقاطات الواقعية عليه، وفي مسلسل للموت تقصدت منذ الجزء الاول تناول قضايا اجتماعية وحياتية على صلة مباشرة بهموم يعيشها الشعب اللبناني، من عمالة الاطفال، ثم ازمة الدولار وانقطاع الدواء، ثم طوابير البنزين، ووصولا لهذا الجزء الذي تناولت فيه موضوع الحضانة. فحاولت ان ترفع الصوت وتعرض قضية كل ام حرمت من طفلها، كما اكدت اهمية تناول مثل تلك المواضيع في الدراما لعل وعسى شاهد الحكام اوجاع النساء وعملوا على تغيير القوانين او تعديلها. هذا واكدت انها لم تواجه اي مشاكل جراء طرح هذه القضايا لانها حصلت على ثقة شركة انتاج آمنت بقلمِها ورفعت سقف الحرية عالياً.
اضافة الى نص نادين المشوق والواقعي، الممثلة دجى حجازي ابدعت في تقديم دور الام التي سُلبت منها طفلتها بحجة الشرع والقانون المجحف، فتصدر هذا المشهد الحقيقي مواقع التواصل الاجتماعي وانتشر بسرعة قياسية وهذا خير دليل على تفاعل الجمهور مع هذا النوع من المشاهد الصادقة.
الحضانة أكثر المسائل ظلماً من الأحوال الشخصيّة والاجتماعيّة عموماً في لبنان. وتخضع ضمن الطوائف الـ18 لـ15 قانوناً، يُنهي صلاحية الأم في الحضانة بموجب “سقف” لأعمار الأطفال، ولا يزال النظام الأبويّ في لبنان يحترف ابتزاز الأم بطفلها، محفّزاً ومنتقماً من أعظم هشاشاتها العاطفية. وكم من أم مضطهدة في منزلها، تعرف ماذا ينتظر المطلقات، فتمسك عن طلب الطلاق خوفاً من حرمانها الأطفال.
قلّة من اللّبنانيين لا تُجمع أنّه عند وقوع الطلاق، تنحاز قوانين الحضانة للآباء. وكثير منهم يعرف ويعترف أنّ انحيازها الذكوريّ ناجم عن مرجعيتها لمحاكم الطوائف، بضمانات المادة 9 الشهيرة من الدستور، تزعم هذه القوانين التّمنيع الإلهيّ، وتستبعدها السلطات الدينية والسياسية عن التعديل، مستعيدة أسطوانة “الأزمة” و”أولويّات البلاد” التي لا ترقى لها مسألة الحضانة، كأنّها لا تقرّر حياة آلاف الأمهات والأطفال.
كثيرةٌ هي الجمعيات التي تعمل على إقرار قانونٍ موحّدٍ للأحوال الشخصية ينصف الأم ويساوي بين الإمرأة والرجل في كل ما يتعلّق بالأمور العائلية، يقابلها قلّةٌ من آذان السياسيين الصاغية المنهمكين بتكبير حصصهم السياسية متناسين دورهم بإقرار قوانين مفيدة للمجتمع وتنهي أوجاع سيّدات ظلمتهم طائفية المحاكم واستحقرت دورهم بتربية حكام وقضاة المستقبل.
كم من امرأةٍ ظُلمت بسبب المحاكم الروحية وبقيت أصواتهنّ خافتةً، كم من امرأةٍ طوى النسيان قضاياها وجفّت دموعها على وساداتها وأوقف الحزن نبضات قلبها.
ألم يحن الوقت لتعديل القوانين المتعلّقة بالحضانة قبل ان يكمل المجتمع الذكوري بظلم الامهات، حتى الموت!!!
الأكثر قراءة
- في فلسطين ولبنان حضانة الأطفال بعد الطلاق: رحلة الأمهات نحو العدالة فريق منصة نقِد
- أنغامي تعاقب اللبنانيين على أزمتهم أنطوني بركات
- لقاح لأمراض القلب والسرطان: خبر حقيقي أم آمال كاذبة؟ فريق منصة نقِد
- الحضانة للأمهات: “للموت” يخترق حواجز المحاكم الروحية خلدون جابر