


عندما يتحول مقعد الدراسة الى المثوى الاخير
نوفمبر 6, 2022
A-
A+
غادرت ماغي محمود ابنة الستة عشر عاماً منزلها صباح الخميس متوجهةً الى مدرستها الواقعة في منطقة جبل محسن في طرابلس، غير مدركةٍ انها لن تعود ظهيرة هذا اليوم لتشارك امها تفاصيل نهارها ولا احلامها التي ما لبثت ان تبنيها حتى دمرها شبح الموت.
ماغي لم تمت جراء حادث سير على طرقات لبنان كغيرها من الشباب، ولم تمت على ابواب المستشفيات تلفظ انفاسها الاخيرة، ولا حتى قضاء وقدر كما ادّعى وزير التربية عبّاس الحلبي. وانما كانت ضحية اخرى تضاف الى عداد الموتى نتيجة اهمال وقلة احتراز الدولة عامة ووزارة التربية خاصةً.
تروي احدى الطالبات الحادثة الاليمة التي اودت بحياة الشابة ماغي التي كانت جالسة على مقعد الدراسة في صفها فيُسمع اصوات تصدع السقف، فما يلبث التلامذة النظر الى اعلى حتى ينهار السقف على رؤوسهم ليودي بحياة ماغي ويصيب زميلتها بجروح بليغة.
نعم انه لبنان. نعم انها الدولة اللبنانية التي تتفوق على نفسها مرة تلو الاخرى في زيادة عداد الوفيات. نعم انه الوطن الذي ان لم تمت فيه برصاصة طائشة، او انفجار او حادث سيارة، فانك ستلقى حتفك في المكان الذي من المفترض ان يكون بيتك الثاني حيث الامان والسلامة. ماغي ذهبت لتلاحق احلامها على مقاعد الدراسة الا ان شبح الموت خطفها من بين زملائها وانهى حياتها.
ان حادثة انهيار سقف الصف المتواجدة فيه ماغي لم تكن غريبة ولم تشكل صدمة لمن تلقاها، اذ انها كانت متوقعة. القى وزير التربية عباس حلبي زيارة رسمية السنة الماضية الى المدرسة وتم الاشارة الى الابنية المتصدعة في كافة الصفوف وخطر انهيار السقوف، فلم يلقى الموضوع اي اهتمام من اي جهة معنية وتم تجاهله كسائر المشاكل التي يعاني منها القطاع التربوي الرسمي.
امام هذه الفاجعة الاليمة، اعتبر وزير التربية ان حياة ماغي محمود تستحق اعلان يوم حداد في المدارس والمعاهد الخاصة والرسمية.
ولكن اما كان من الاجدر متابعة ملف المدرسة بدل من اهمالك معالي الوزير؟ اما كان من الاجدر ان تتحمل مسؤولياتك كوزير تربية وملاحقة شؤون الطلاب والمدارس والحرص على تقديم الخدمات العلمية التي يستحقونها ؟
في لبنان كل الطرق تؤدي الى الموت، ومدينة طرابلس تحديداً لا تلبث ان تجف دموعها على ابنائها الابرياء حتى تعود وتتشح بالسواد الذي اعتادت عليه.
وفاة ماغي عرّى الدولة اكثر وكان الثمن غالياً. انها جريمة شنيعة باعلى المقاييس يجب ان يحاسب عليها كل مسؤول، ففي بلد يشقى الاهل لتأمين مصاريف تعليم اولادهم، يأتي الموت بوجه مقيت آخر ويحمل الاهالي اولادهم جثث هامدة بين امواج البحر والسقوف المهترئة.
لروح ماغي السلام ولاهلها العزاء ولحكامنا الزوال…
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي