سباق بلا خط نهاية
ديسمبر 26, 2024
A-
A+
بعد وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، سارع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إلى الدعوة لجلسة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الـ9 من كانون الثاني 2025. لم تكن الدعوة مفاجِئة، لكن مصادر بري أوضحت أن الجلسة ستكون بدورات متتالية، وهو ما كان يعارضه منذ بداية السباق الرئاسي، رغم مطالبة العديد من الكتل النيابية، وأبرزها القوات اللبنانية، بهذا الطرح مرارًا.
تشكّل الانقسامات السياسيّة الحادّة بين القوى المركِّبة للمجلس النيابي، المولج انتخاب رئيس الجمهوريّة، عقدة رئيسيّة في اختيار الشخصيّة المناسبة التي ستحكم البلاد لمدة ست سنوات، في ظل أزمات اقتصادية وأمنية كبيرة.
تشهد الأروقة السياسيّة إعادة خلط أوراق؛ أسماء طُرحت سابقًا تعود إلى الواجهة من جديد، أبرزها قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي أعلن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تبنّي ترشّحه، ليكون بذلك أوّل من أعلن اسم مرشّح سيدخل فيه حزبه إلى الجلسة. في المقابل، يعارض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ترشيح عون، معتبرًا أنه “لا يراه مرشحًا مناسبًا”، إضافة إلى أن انتخابه يستوجب تعديلًا دستوريًا كونه موظفًا من الفئة الأولى. في هذا الوقت، يعود مرشّح الثنائي الشيعي، رئيس تيار المردة سليمان فرنجيّة، ليؤكّد أنه لا يزال مرشحًا للرئاسة، بعدما أثيرت تساؤلات حول احتمالية انسحابه من السباق أو التخلي عنه، بعد خلع الرئيس السوري بشار الأسد الذي كان داعمًا له. كانت حجّة من رشّح فرنجيّة في السابق علاقته “القوية” بالنظام السوري، خاصة مع عودة سوريا إلى “الحضن العربي” قبل سقوط النظام.
تبدو خطوة تبنّي التقدمي الاشتراكي لعون عادية ظاهريًّا، إلا أن أصوات نوّاب اللقاء الديمقراطي قد تشكّل عاملًا حاسمًا يغيّر المعادلة. بذلك، قد يسهم جنبلاط في منع وصول رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع إلى الرئاسة وترك باسيل يواجه خيارات محدودة، إضافة إلى إعطاء بري فرصة للتخلي عن فرنجيّة بحجة تيسير عملية الانتخاب.
وتشير المعلومات إلى أن “المعارضة” باشرت بعقد لقاءات للتشاور حول اختيار مرشّح لرئاسة الجمهوريّة يمكن التوافق عليه وتسويقه لدى الفريق الآخر.
وأقر عضو كتلة “الجمهورية القويّة”، النائب غياث يزبك، بوجود مراجعة لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور من قبل المعارضة، حيث يجري البحث عن أسماء وطرح شخصيات لا تشكل استفزازًا للفريق المقابل، وهو ما يتطلب من قوى الممانعة اعتماد نهج مماثل.
في سياق متّصل، أضاف رئيس المجلس التنفيذي لـ”مشروع وطن الإنسان”، النائب نعمة افرام، اسمه إلى لائحة المرشحين، معلنًا ترشّحه إلى سدّة الرئاسة دون تبنٍّ رسمي من أي جهة حتى الآن.
إلى جانب العوامل الداخلية، تلعب الدول الخارجية دورًا محوريًا في اختيار رئيس الجمهورية. فبعد إعلان بري موعد الجلسة، زار سفراء اللجنة الخماسية عين التينة. ووفقًا لمصادر سياسية، فإن الاجتماع هدفه التنسيق للتوافق على مرشح توافقي. تضم اللجنة الخماسية كلًّا من سفراء قطر، الولايات المتحدة الأميركيّة، المملكة العربيّة السعودية، فرنسا، ومصر. وأشارت معلومات إلى أن اللجنة تسعى لغربلة الأسماء والتوصل إلى اتفاق على شخصية مقبولة، لتجنب أي “معركة” في الجلسة المرتقبة.
إذًا، الطبخة الرئاسيّة على نار عالية جدًا. فهل ينجح طهاة السياسة اللبنانيّة في تقديم طبق يرضي الجميع، أم تتعثّر العملية في آخر لحظة ونعود إلى نقطة الصفر؟
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي