ما بعد تمرد “فاغنر”: أسئلة حول ضعف بوتين ومستقبل روسيا
يونيو 26, 2023
A-
A+
لن يشكل انتهاء تمرد مجموعة “فاغنر”، مساء أول من أمس السبت، بوساطة بيلاروسية، واستعادة المدن الروسية أجواء الهدوء تباعاً، أمس الأحد، مع انسحاب المتمردين من الشوارع، نهاية الأزمة غير المسبوقة التي تفجرت داخل روسيا ووضعتها على شفير حرب أهلية، بحسب تصريحات المسؤولين الروس أنفسهم.
وإذا كانت الكثير من التفاصيل التي رافقت التمرد وحتى لحظة الإعلان عن الاتفاق على سحب المرتزقة من الشوارع وعدم معاقبتهم لا تزال غامضة، إلا أن تداعيات مرحلة ما بعد التسوية بين الرئيس فلاديمير بوتين ومؤسس “فاغنر” يفغيني بريغوجين لن تتأخر في الظهور، بحسب الكثير من التوقعات، خصوصا بعد أن كان يوما الجمعة والسبت الماضيين الأكثر خطورة بالنسبة لبوتين، القابض على السلطة في موسكو منذ عام 2000، إذ تصرّف بشكل غير معهود، مثيراً الشكوك حول احتمال تراخي قبضته في الكرملين.
وإذا كانت الأزمة فجرت الكثير من التساؤلات حول وضع بوتين قبل وبعد التمرد، فإن علامات الاستفهام تطرح أيضاً حول موقع وزير الدفاع سيرغي شويغو والعديد من النخب الروسية في المرحلة المقبلة، في ظل تكهنات بفصول أخرى للأزمة لن تتأخر في الظهور، وهو ما ألمح إليه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس الأحد بقوله “لم نر بعد الفصل الأخير من قصة تمرد فاغنر على روسيا، والأزمة في روسيا قد تستمر لأسابيع أو أشهر”.
ومن شأن ما جرى في الأيام الماضية، وأي تداعيات مرتبطة به بالأيام المقبلة، أن ينعكس على عدد كبير من الملفات، أهمها الحرب الروسية في أوكرانيا من جهة والتي أكد بوتين أمس أنها تتصدر أولوياته، والنفوذ الروسي في العديد من الدول خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث كانت فاغنر تؤدي، طيلة السنوات الماضية، أدوراً عدة، بغطاء من موسكو وخدمة لمصالح الأخيرة.
كما أن مصير بريغوجين سيبقى الملف الأكثر حساسية في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن خروجه إلى بيلاروسيا وإسقاط التهم الجنائية عنه لن يعني انتهاء نفوذه داخل روسيا أو خارجها. ونحو 12 ساعة فصلت بين خطاب بوتين صباح أول من أمس السبت، الذي وصف فيه التمرّد الذي قادته “فاغنر” بـ”الخيانة”، وبين التراجع مساء اليوم نفسه ومنح بريغوجين ضمانات شخصية للذهاب إلى بيلاروسيا.
وتُشكّل هذه التحولات نقطة مفصلية في سلوك بوتين وفي كيفية التعامل مع مرحلة ما بعد انتهاء التمرد، إذ أنه من الواضح أنها لن تكون مرحلة مستقرة، خصوصاً أن وساطة الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، جعلت من بريغوجين نداً مساوياً لبوتين في الداخل، وهو أمر يحصل للمرة الأولى مع الرئيس الروسي، المعتاد على الحكم بصورة منفردة.
وكان لافتاً أن بوتين بدا بمظهر الضعيف في الداخل، بدءاً من عدم تنفيذ تعهده بسحق التمرد في المهد، أي حين أعلن بريغوجين مساء الجمعة أنه سيتوجه إلى موسكو، بل على العكس، استيقظ سكان مدينة روستوف الجنوبية، صباح السبت، على سيطرة عناصر “فاغنر” على مدينتهم، وعلى مقر القيادة العسكرية الجنوبية، التي تقود الحرب في أوكرانيا.
وبدت صورة بوتين مغايرة للرجل الذي أمر باقتحام مسرح موسكو في عام 2002، ومدرسة بيسلان في 2004 لحلّ أزمة رهائن فيهما، حيث سقط أكثر من 500 قتيل في الموقعين. وفي حين توقع الروس خصوصاً، أنه سيُقدم على ضرب “فاغنر” ومنع عناصرها من التوجه إلى موسكو، بناء على خطابه صباح السبت، إلا أنه تصرّف بصورة مغايرة في مساء اليوم عينه، بالعفو عن أفعال “فاغنر”، وترك الباب مفتوحاً لانضمام عناصر منهم إلى وزارة الدفاع الروسية بموجب عقود.
نقاط ضعف في الكرملين ووزارة الدفاع
ورأى مركز “معهد دراسة الحرب”، ومقره الولايات المتحدة، أن تمرد بريغوجين “كشف نقاط ضعف شديدة” في الكرملين ووزارة الدفاع. واعتبر أن الكرملين كافح لتقديم رد متماسك على التمرد، وأن أحد الأسباب كان “على الأرجح تأثير الخسائر الروسية الفادحة في أوكرانيا”. وأضاف المعهد في تقرير: “كان من المحتمل أن تصل قوات فاغنر إلى ضواحي موسكو لو اختار بريغوجين ذلك”.
ورأى المعهد أن دور الزعيم البيلاروسي كان “مهيناً لبوتين، وربما يكون قد ضمن للوكاشينكو مزايا أخرى”. وهو ما يطرح تحديات حول قدرة الرئيس الروسي على الإمساك بمفاصل القرار في البلاد، قبل عام تقريباً على موعد الانتخابات الرئاسية.
وأيضاً تبرز تساؤلات حول سيطرته على الجيش، الذي لم يتحرك فعلياً لضرب قافلة “فاغنر” المتجهة إلى موسكو. وكان لافتاً، في خضمّ التمرد، توقيعه قوانين رفع فيها سن التجنيد حتى عمر الـ70 عاماً، وإشراك السجناء في القتال، وإعفاء الجنود من المحاكمات الجنائية.
الأكثر قراءة
- مخطط التمويل غير المشروع: 4 شركات حلت مكان 60 مصرفاً فريق منصة نقِد
- المعارضة وبصوت جامع: لإنهاء الحالة المسلحة لحزب الله فريق منصة نقِد
- ‘حريم الحاكم’: عقارات وأرصدة بعشرات الملايين فريق منصة نقِد
- العصيان يطيح بالطغيان: التوقيت الشتوي انتهى فريق منصة نقِد