العالم 2023: أوروبا تحت الحرب والصين تجتاح تايوان؟
يناير 12, 2023
A-
A+
لم يكن 25 من كانون الاول من العام 1991 يوماً عادياً، إذ إنه اليوم الذي أعلن فيه الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف استقالته معلناً بالتالي إنهيار الإتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة رسمياً. لكن من كان ليظن إنه بعد 30 عاماً عاد العالم ليعيش حرب باردة جديدة غير معلنة في العلن ولكن ظاهرة في الباطن.
فبعد أن عاش العالم فترة سيطرة أحادية القطب كانت فيها الولايات المتحدة وحلفائها القوة المسيطرة على العالم من ناحية السياسة والإقتصاد، بدأ العالم يشهد على ظهور الصين كقوة عظمى لا يستهان بها. فهي تشهد ثورة إقتصادية مستمرة سمحت لها بالتوسع على كافة الصعد؛ عسكرية، وتكنولوجية، وزراعية،… بدورها، حافظت روسيا على قوة عسكرية وازنة بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي اتاحت لها بالحفاظ على صورتها كقوة عالمية لا يستهان بها، خاصة وانها تملك قرابة الـ6000 رأس نووي وترسانة صواريخ عابرة للقارات متنوعة ومتطورة. إذاً عملت كلاً من الصين و روسيا على إنشاء تحالف بوجه الغرب، ويضم هذا التحالف العديد من الدول المناهضة لسياسات دول الغرب أو تلك اللتي تسعى للتخلص من نفوذها.
إذاً في وقتٍ يشهد العالم مستويات تضخم غير مسبوقة، ويقف على شفير ركود إقتصادي، تدخل الدول في سباق تسلح، فتعمل على زيادة انفاقها العسكري وتعمل على تطوير أسلحة فتاكة سواء أكانت مسيرات، صواريخ، أو غيرها. أضف إلى ذلك يشهد العالم توترات بين العديد من الدول، وهذه التوترات ممكن أن تتحول إلى صراعات و حروب من ما يصب الزيت على النار.
في شباط، مطلع العام الماضي اندلعت الحرب في أوكرانيا، ودخلت القوات الروسية شرق البلاد وحاولت إحتلال العاصمة كييف ولكن سرعان ما أجبرت على التراجع، وفشلت الخطة، وتكبد الجيش الروسي خسائر كبيرة في صفوف العديد والعتاد. والآن بعد سنة تقريباً لايزال الهجوم الروسي محدود في الشرق خاصة بعد خسارة كلاً من منطقتي خيرسون وخاركيف.
مؤخراً ومع بداية الشتاء عاد الجيش الروسي ليحقق بعض المكاسب المحدودة ولكن ماكينات الحرب الروسية اثبتت ضعفها وقلة خبرتها في الحروب الحديثة. فرغم المعدات التي]يملكها الجيش الروسي غير أنه تبين إن في معظمها أسلحة قديمة العهد وتعود لأيام الحرب الباردة وهي لا تصلح للحرب الحديثة وكانت أهداف سهلة للأسلحة الغربية التي توردها دول الناتو لأوكرانيا. إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى حرب إستنزاف يتنافس فيها الطرفان على ضرب قدرات الآخر وإستنزافها منها الإقتصادية حيث تصبح الحرب مكلفة للغاية وتتخطى قدرة أحد الأطراف على تمويلها لذلك يلجأ للمفاوضات أو الإستسلام والإنسحاب. بناءً على ذلك من المستبعد أن يكون هذا العام 2023 الذي تنتهي به الحرب في أوكرانيا.
أحد الجبهات التي يمكن أن تشتعل هي على الحدود بين صربيا وكوسوفو. فصربيا التي تُعَد حليفة لموسكو، أعلنت إستنفار جيشها عقب توتر بين السلطات الكوسوفية من جهة و سكان المنطقة الشمالية من أصول صربية من جهة أخرى. هذا التوتر ممكن أن تستثمره روسيا لفتح جبهة جديدة في الداخل الأوروبي وإبعاد الضغط والدعم التي تقدمه الدول الأوروبية لأوكرانيا عن حدودها. لكن إحتمال أن تشتعل هذه الجبهة ضئيل وذلك لأنه من الصعب أن تسطيع روسيا من تقديم الدعم لصربيا خاصةً وإن الأخيرة محاصرة من كافة الجهات من دول أوروبية. إضافة إلى ذلك فإن صربيا قد لا تقدم على هكذا خطوة إذ إنه ينظر لها على انها دولة معتدلة في الوقت الحالي واقتصادها لن يسمح لها بالدخول في حرب.
بالإضافة إلى ذلك لا يمكن الحديث عن توترات من دون ذكر التوترات المستمرة على الحدود بين الكوريتين. فهذا الصراع الذي بدأ مع الحرب الكورية عام 1950 لم ينتهي حتى يومنا هذا، فالاستفزازات المستمرة من الشمال من خلال إطلاق الصواريخ العابرة للقارات، والتجارب النووية، وإستعراض العضلات عبر إطلاق القذائف المدفعية بشكل متكرر، وخروقات بحرية، وآخرها كان إطلاق الشمال عدداً من المسيرات بإتجاه كوريا الجنوبية مما أدى إلى إستنفار الجيش الكوري الجنوبي والرد بالمثل. لكن غالباً ما تعد الاستفزازات المتبادلة بين الدولتين “روتينية” ومن الصعب أن تجر إلى حرب جديدة في المدى المنظور.
وأخيراً وليس آخراً، جبهة الصين – تايوان، حيث يعتقد الكثيرون انها الجبهة الأقرب للإشتعال. تواصل الصين بمطالبتها بإن تايوان هي جزء لا يتجزأ من الجمهورية الشعبية، ولكن تريد المحافظة عل استقلالها الذاتي مدعومةً من الولايات المتحدة ودول الغرب. فيستمر الغرب بدعم تايوان بأسلحة مهمة في الدفاع عن نفسها، كما تستمر الولايات المتحدة بوضع اسطولها السابع بمقربة من الجزيرة، كما تستمر بتسيير دوريات في مضيق تايوان الأمر اللذي يستفز القوات الصينية والتي بدورها، تعمد على تسيير دوريات في المضيق وبحر الصين الجنوبي وتقوم بإعتراض طائرات وسفن أميركية.
إذاً الاستفزاز المتبادل هو حال المرحلة حتى الآن بين الطرفين. تسعى الولايات المتحدة لإبقاء سيطرتها على غرب المحيط الهادئ وضمان مصالح حلفائها الاقليميين، في وقت تسعى فيه الصين إلى التوسع وفرض هيمنتها في المنطقة خاصةً مع تنامي قدرتها في كافة المجالات مما يتيح لها قلب موازين القوى. لذلك طالما هنالك توازن في القوى سيظل هنالك توتر، اللذي ممكن أن يتطور إلى حرب تتمثل باجتياح الصين للجزيرة التايوانية، لكن لو حدث ذلك قد يكون بوابة لحرب عالمية جديدة لا يتمناها أحد ولا أحد يستطيع تحمل عقباها.
الأكثر قراءة
- رقصة اولى حولها القدر الى الرقصة الاخيرة: نزيف الأقليّات مستمرّ فانيسا حبيب
- في خدمة الحريّة: مستمرون في مواجهة الهمجيين والبلطجيين والميليشيا محمد الغزاوي
- عن التروما التي تعشقنا وتحاول قتلنا كارل حدّاد
- مجموعة “بريكس” تتوسع: هل ينتهي عصر الدولار؟ رَهادة الصميدي