27 Dec 2025
Like this post
غزة وعيد الميلاد. غزة التي تُلحّ علينا كلما هبّت نسائم الفرح، أو كلما دخلنا في مناسبات وأعياد. غزة تُعلن استثناءها بجرحها القائم الذي لم يخبو. غزة التي يمرّ عليها هذه الأيام عيد الميلاد، لكنّه يمرّ بالطريقة التي قسَرها الاحتلال عليها.
تتشح المحلات بزينة الأعياد، يتصوّر ناسٌ عند شجرة الميلاد، ولربما يضحكون لصورةٍ ملوّنة، لكنها تُخفي خلفها الألم والوجع والفقد.
كيف لغزة أن تضحك ضحكةً كاملة وتواري خلف شجرة الميلاد أساها؟ كيف تشرح للشجرة طريق رحيل أبنائها إلى الأبدية بيدٍ قاهرة لا تميّز ديناً عن دين؛ لأنها لا تدين بغير دين الظلم؟
يتنهّد الأطفال في الشوارع المتعبة، ينتظرون بابا نويل لا ليأخذوا هداياهم، بل ليخبروه عن خلجات صدورهم، ليقولوا له: انظر يا بابا كيف أحرقوا شجرتنا! وكيف سرقوا ضحكتنا! وكيف ضاعت منا مدينتنا! هل ستعود يا بابا بهديةٍ فيها (أمسُنا) اللامع؟
كيف ستعبر عجلات عربتك فوق ركام منزلنا؟ وكيف لأحمرك أن يعلن نفسه في سواد ليلنا الطويل؟ هل تعرف يا بابا باب خيمتنا؟ لا عليك، طريق الخروج سهل؛ فثقوب خيمتنا كثيرة، لطالما أهطلت المطر وأغرقتنا! يا بابا، رجاءً فلتكن هديتك (شادرًا)، أو لتكن (خيمة)، فخيمتنا تعبت يا بابا، وعليها أن تشعر أن الميلاد يصلها، أن تشعر بالبعث المستمر.
على غزة اليوم أن تكون قدّيسة، غزة التي كان نزوحها المستمر مغارة. اليوم، إن التفتّم إلى الصنوبر لاح الزيتون! اليوم يتّحد بغزة الاعتقاد بأن الظلم لا ينتمي إلى أي دين، ومن يدين بالظلم لا يدين بأي دين.
غزة في الميلاد هي التي تمسك الريشة لترسم مسجدًا وكنيسة بلونٍ أسود، وبحبرٍ باهت؛ لينظر العالم إلى لوحةٍ مسروقة الألوان.
عيد الميلاد في غزة هو ضوءٌ خافت ينطلق من غزة، لكنه ينير قلوبًا ناحية الطريق. فالقبّعات المبهجة، والبالونات الحمراء، وصور بابا نويل، والهدايا، والشجرة، كلها تشير ناحية الدمى المعلّقة، الدمى التي لم تنجُ من المشنقة.
في العيد، تحتفل غزة مع العالم، لكنّها وحدها في المقتلة. قد تستمر الأيام متخطّية غزة، لكنها أبدًا هي أول التقويم.