اقتصاد ايران يواجه اختباراً صعباً

مارس 8, 2024

A-

A+

بعد 6 سنوات من ممارسة الولايات المتحدة لشتى أنواع الضغط على الاقتصاد الإيراني، إلا أن الأخير تحدى وخالف التنبؤات بشأن انهياره مما دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للانسحاب في عام 2018 من الاتفاق النووي، ومواصلة إدارة الرئيس الحالي جو بايدن الاعتماد على نفس السياسة منذ العام 2021 التي تستند على المنطق القائل كلما كان اقتصاد إيران أضعف كلما خضعت طهران لواشنطن أكثر.

يظهر الاقتصاد الإيراني مرونة، وذلك من خلال الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ بنسبة 6.7% بمعدل سنوي في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الإيرانية. ومن المرجح أن ينتهي العام بمعدل نمو يفوق توقعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بحوالي 4%.

بعد مرور أكثر من عقد، انخفض مستوى المعيشة لدى المواطن الإيراني نتيجة العقوبات في عام 2018. انخفض معدل النمو الاقتصادي بنسبة 13.6 نقطة مئوية، من معدل نمو سنوي إيجابي بلغ 9.5% خلال عامي 2016 و 2017 إلى نسبة سنوية سلبية بنسبة 4.1% خلال عامي 2018 و 2019.

منذ عام 2020، وبفضل ارتفاع إيرادات النفط، استعاد الاقتصاد الإيراني بعض من رونقه، وإن كان نموه بطيئًا إلى حد ما بنسبة تصل إلى 4% سنويًا. حتى أن الضرر الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد-19 قد تم التعافي منه. ولكن مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن هذا النمو قد يتحول إلى أزمة، خاصة مع تجدد التوترات الأميركية الإيرانية.

لم يؤثر هذا النمو المتواضع كثيرًا في تقليل استياء المواطنين الإيرانيين. فلم تتعافَ مستويات المعيشة بعد، ولم تعُد إلى مستواها قبل فترة ترامب الرئاسية، ولا يزال التضخم مرتفعًا للغاية. ففي العام 2022، كانت نسبة الانفاق لدى الفرد أقل بنسبة 7% من مستواها في العام 2017.

إن التضخم هو مصدر الاستياء الأساسي للمواطن الإيراني، حيث يظهر الإيرانيون قلقًا من ارتفاع الأسعار الكبير.

في العام 2018، ارتفع التضخم من 8.1% سنة 2017 الى 26.7%، وبقي فوق 30% منذ ذلك الحين. حاول رئيس البنك المركزي الجديد خفض نسبة التضخم الى ما دون 30%، وهو هدف متواضع جدا، لكنه لم ينجح في ذلك. ففي الشهر الماضي بلغت نسبة التضخم 36.5% رغم اعتماد سياسة التقشف المالي.

تم إعادة انتخاب خاتمي وروحاني لفترة ثانية. ولكي يحقق الرئيس رئيسي شيء نفسه في العام 2025، يحتاج الى استمرار ارتفاع معدل النمو في العام 2024، كما انه يحتاج الى اقناع الناخبين بان استراتيجيته يمكن ان تتفوق على استراتيجية خصومه الذين يعتبرون ادارة رئيسي هي اول حكومة ثورية منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية ويعتبرون ان التخلي عن الاتفاق النووي والتحول نحو الشرق هو الحل الأنسب.

بالرغم من أن الاقتصاد بشكل عام ينمو بشكل أسرع عندما يتعافى من هبوطه، إلا أنه من المتوقع أن يشهد النمو تباطؤًا في عام 2024. بالإضافة إلى ذلك، فإن التوترات الحاصلة في المنطقة قد تزيد من فرص بطء النمو. قد تكون إيران عازمة على عدم المشاركة، لكن توسيع رقعة الصراع الإقليمي قد يكون واردًا، خاصةً مع تحديات حلفاء إيران مثل جبهة المقاومة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان للقوات الأمريكية والإسرائيلية. حتى لو بقيت إيران خارج النزاع، فإنها ستتأثر، وسيكون للنزاع تأثير سلبي على تعافي الاقتصاد الإيراني.

أدت التوترات المتصاعدة إلى فقدان الريال الإيراني نسبة 10% من قيمته بعد فترة استقرار دامت عدة أشهر. وإذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن خفض معدل التضخم إلى ما دون 30% قد يصبح مهمة صعبة جدًا في الأشهر القادمة.

كانت إيران تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط لتعافي اقتصادها. ووفقًا لمركز الإحصاء الإيراني، فقد نمت قيمة الإضافة لقطاعي النفط والغاز ثلاث مرات أسرع من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الثلاث الماضية. لذا، قررت واشنطن تشديد رقابتها على صادرات النفط الإيراني، مما سيؤثر على النمو.

نجحت إيران مؤخرًا في تحقيق إنجازات دبلوماسية تقلل من عزلتها، لكن هذا لن ينعكس بشكل اقتصادي على المدى القريب. في عام 2023، نجحت إيران في إعادة العلاقات الدبلوماسية المتوترة مع جيرانها في الخليج الفارسي، وانضمت إلى مجموعة BRICS التي تضم لاعبين عالميين غير ملتزمين بالتحالفات الكبيرة. تظهر هذه التطورات قدرة إيران على مقاومة العقوبات الأميركية على المدى الطويل، لكن من غير المرجح أن يترجم ذلك إلى المزيد من الإيجابية على الصعيد الاقتصادي في المدى القريب.