لا ترحل وتعيد قصتي فأنا أعرف النّهاية

نوفمبر 8, 2024

A-

A+

جلست بالأمس في مقهى قريب، أنتظر صديقتي القادمة من ولاية “تكساس”، تأتي كلّ عامٍ عشرون يوماً، إجازتها السنويّة، ثمّ تعود لأميركا

وصلت، طلبنا قهوة، أخبرتها أنني بانتظار ردّ السّفارة الكنديّة لطلب اللجوء الذي قدمته مؤخراً، نظرت إليّ وقد امتلأت عيناها بالدموع وطلبت مني أن أبقى في لبنان.

سألتها لماذا، فأجابت: “أعيش وحيدةً، بين أربعة جدران، أقاتل لئلا أنهار نفسيّاً، أستيقظ عند الخامسة، أذهب للعمل، أتقاضي نصف مرتّب الأميركيّ، وفي نهاية كلّ شهر أدفع جلّ راتبي، ثمّ يبقى معي القليل، أشتري به مونةً من السّوق الشّعبي، سيّارتي قديمة، بيتي قديم، وذكرياتي كلّها في لبنان، أنزل لهنا عشرون يوماً، أحمل فيها ما أحمل من المشاعر، وأصنع ما أصنع من الذكريات لتكفيني سنةً من الوحدة في أميركا، سمعت أنّ في الحيّ عرب، قصدتهم مع علبة من البقلاوة، لكنهم رفضوا استقبالي، هكذا نعيش في أميركا، تذبل الورود على الطاولة، يذوب الآيس كريم لقلّة الأطفال، ونعيش مضطهدين لأننا عرب، كجميع الأغراب هناك.

ابقى في لبنان، ابقى في موطن العشرون يوماً التي أنتظرها من السنة للسنة، استيقظ مع عائلتك وافطر الكشك البلديّ والفول، اطلب منقوشة لحمة، وفطيرة ساخنة، فالـ “توست” لا يُشبع…

لبنان، غالٍ لكنه لا يكفي

وأنا في المنتصف، بين حياةٍ أعيشها في خطر، وأخرى أقتات منها بأمان.

يجب عليّ تركه، ويستحيل عليّ نسيانه

ابقى في لبنان